"وليملأكم إله الرجاء كل سرور وسلام فى الايمان، لتزدادوا في الرجاء بقوة الروح القدس." (رو15: 13)

سافر السجين بولس المدعو رسولاً ليسوع المسيح ومعه سجناء آخرين على متن سفينة فى البحر ليحاكموا فى روما ولكن الريح هاجت على السفينة، وإذ كانوا فى نوء عنيف ألقى البحارة بالكثير من حمولة السفينة وأثاثها. ولم تكن الشمس ولا النجوم تظهر أياماً كثيرة، واشتد النوء حتى فقد الجميع كل رجاء فى النجاة. وكان الجميع صائمين لا يذقون طعاماً لمدة أربعة عشر يوماً. حينئذ وقف القديس بولس فى وسطهم وقال لهم: "وقف بى هذه الليلة ملاك الإله الذى أنا له والذى أعبده قائلاً: "لاتحف يا بولس ينبغي لك أن تقف أمام قيصر. وهوذا قد وهبك الله جميع المسافرين معك، لذلك سروا أيها الرجال لأنى أؤمن بالله أن يكون هكذا كما قيل لى...". وأخذ القديس خبزاً وشكر أمام الجميع وأكل فصار الجميع مسرورين وأخذوا هم أيضاً طماماً.

فقد جميع من على متن السفينة رجاءهم فى النجاة لأنه بحسب مقايس البشر كانت الضيقة شديدة حتى توقع الجميع هلاكاً قريباً لكن معلمنا بولس كان مملوءاً سروراً وسلاماً لأنه كان يترجى بإيمان النجاة ولما رأى ركاب السفينة إيمانه وثقته فى النجاة. آمنوا هم أيضاً وانتقلوا من الخوف واليأس إلى الرجاء والثقة فى قوة الله.

الرجاء هو يقين أكيد فى نوال ما ينتظره الإنسان أو يتوقعه من خير أو مكافأة، أو خلاص من شر أو ضيق، وهو أيضاً الثقة فى نوال مواعيد الله المفرحة لنا. والرجاء يولد فى النفس الفرح والطمأنينة والسلام والذى عنده رجاء يحيا ناظراً للآمال البعيدة التى لم تأتِ بعد وكأنها قد تحققت أما اليأس فيولد الحزن. والذى عنده رجاء يصبر فى الجهاد ويحتمل الشدائد لأنه يعلم أن تعبه ليس باطلاً لأنه سينال ما يترجاه. وكلما عظمت قيمة ما يترجاه الإنسان من مكافأة كلما زاد احتماله وصبره. وقد كان منهج آبائنا القديسين أن يضعوا كل رجاءهم فى السماء وليس فى أمور زمنية ولهذا اختاروا الفوز بملكوت السموات كهدف أسمى ينتظرونه بشوق، وقد علمنا القديس بولس الرسول أن نضع أمام أعيننا الفوز بالحياة الأبدية هدفاً نسعى إليه وقد وصف من يترجى من الرب يسوع الأشياء الأرضية المادية فقط بأنه أشقى جميع الناس.

أخى....أختى:

إن كنت تثق فى عظم رعاية الله وقدرته على إنقاذ أولاده وقت المحن والشدائد فألقِ كل اتكالك عليه لأن إلهك المحب هو رجاء من ليس له رجاء ومعين من ليس له معين، واعلم أنه مسكين هو من يتكل على غنى أو جاه أو رؤساء لأنه وضع رجاءه فيما يفنى ويزول فياليتك لاتنسى وسط همومك وضيقك الله الحنون الذي تترجاه أعين الكل.