"...إن أحبني أحد يحفظ كلامي ويحبه أبي، وإليه نأتي، وعنده نصنع منزلا."(يو14: 23)

جاء الملاك الجليل غبريال إلى مدينة الناصره، ودخل إلى أمنا العذراء مريم يبشرها بالحبل الإلهي قائلاً لها: "ها أنت ستحبلين وتلدين ابناً وتسمينه يسوع. هذا يكون عظيماً وابن العلي يُدعي ويعطيه الرب الإله كرسي داود ابيه ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد، ولايكون لملكه نهاية" ولما سألت مريم"كيف يكون هذا؟ وأنا لست أعرف رجلاً"، أجابها الملاك وقال:" الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك أيضاً القدوس المولود منك يدعى ابن الله" فأجابته العذراء قائله:" هوذا أنا أمة الرب ليكن لي كقولك".

  • لقب آباء الكنيسة القديسة العذراء مريم بالسماء الثانية، لأن ابن الله ربنا يسوع المسيح تجسد منها وحملته في أحشائها تسعة أشهر كما تحمل السماء عرش الله، وتسمية العذراء بالسماء الثانية يعبر أيضاً عن علو قدرها كعلو السماء بالنسبة للأرض، وكما تمتلىء السماء بالسلام والفرح والقداسة والطهارة و..و.هكذا العذراء القديسة مريم السماء الثانية هي الممتلئة بالنعم والفضائل،
  • لقد ظل سبب اختيار الله للعذراء لتكون سماء ثانية محل تأمل الكثيرين من الآباء القديسين، وقد أعلن القديس يوحنا الحبيب في إنجليه أن الله يظهر ذاته لمن يحبه ويحفظ وصاياه بل أكثر من هذا يأتي إليه ويسكن فيه وعنده يصنع منزلاً وعلمنا الكتاب المقدس أن أول الوصايا وأعظمها هي المحبة التي اتصفت بها العذراء القديسه. ولهذا استحقت العذراء أن تدعى سماء ثانية.
  • إن زيارة العذراء لأليصابات تظهر المحبة العظيمة التى ملأت قلبها نحو الجميع ودفعتها إلى عدم الانشغال بأمر حملها، فاسرعت إلى الجبال لتخدم أليصابات، وتقوم لها بما تحتاجه من أمور خدمة منزلية، ومرة أخرى في عرس قانا الجليل كشف لنا الكتاب عن مشاعر العذراء المملوءة رقة وإحساسا بمن هم في ضيق لقد عرفت العذراء أن الخمرقد نفذت فلجأت- دون أن يطلب منها أحد- إلى ابنها الرب يسوع قائلة له:" ليس لهم خمر"، وكانت استجابتة لشفاعتها بتحويله الماء إلى خمر أعظم تكريم لامه العذراء المملوء حبا للآخرين.

أخي....أختي:

إن السماء هي مكان السلام والفرح. فمن أراد أن يجعل قلبه سماء يسكن فيها الله، فعليه أن يفتح قلبه بالحب للآخرين، ليمتلء سلاًما وفرحاً كما كانت العذراء السماء الثانيه. وهذا هو ماقصده الرب يسوع بقوله:" ها ملكوت الله داخلكم" فياليتك تتذكرعلى الدوام كلمات قداسة البابا شنودة الثالث القائله:" حقا إنما كل قلب عاش بالحب سماك".