"ما أحلى مساكنك يارب الجنود! تشتاق بل تتوق نفسي إلى ديار الرب. قلبى ولحمي يهتفان بالإله الحي." (مز84: 1، 2)

سجل سفر المزامير اشتياقات المسبيين من بني إسرائيل للحياة فى مدينتهم المحبوبة أورشليم، حيث الهيكل والعبادة الحارة والتمتع بنعمة الوجود فى الحضرة الإلهية. ووصف المرنم حزنهم لبعدهم عن أورشليم وعن عبادة الله في هيكله المقدس قائلاً: "على أنهار بابل هناك جلسنا بكينا أيضاً عندما تذكرنا صهيون على الصفصاف فى وسطها علقنا أعوادنا لأنه هناك سألنها الذين سبونا كلام ترنيمة.... إن نسيتك يا أورشليم تنسى يميني ليلتصق لساني بحنكي إن لم أذكرك، إن لم أفضل أورشليم على أعظم فرحى".

  • عادة ما نشعر بالحنين للأهل والأصدقاء ونحن متغربون بعيداً عنهم فتلتهب المشاعر شوقاً إليهم، ولكن المسبيين من بني إسرائيل فى هذا المزمور أحسوا بالشوق للعبادة في الهيكل، ولله الذي كانوا يتقابلون معه في الهيكل، والشوق للعبادة أو للصلاة يعبر عن ما تكنه النفس من حب لله، وقد سجل لنا داود النبي الكثير من هذه المشاعر: فهو يشتاق لله كما يشتاق حيوان الأيل فى الصحراء لجداول المياه وهو يبكر فى شوق لله كعطشان يترجى أن يروي عطشه فى أرض مقفرة وموضع بلا ماء ومن أجل شوقه لله ينهض فى نصف الليل ليسبحه، وسفر المزامير يفيض بالكثير من هذه الأشواق الحارة لداود تجاه الله.
  • إن شوق النفس التى اعتادت على الصلاة نابع من اختبارها للشبع بالله، والذى وصفه داود النبي قائلاً: "باسمك أرفع يدي فتشبع نفسي كما من شحم ودسم" والشبع فى هذه الحالة يعني استقرار النفس فى سعادة واطمئنان دون اضطراب، وقد أحست مريم أخت لعازر بهذه المشاعر وهى جالسة عند قدمي يسوع تنصت له بسعادة وراحة بالغة، وعندما رجع كثيرون من تلاميذ يسوع إلى الوراء عندما رفضوا أن يقبلوا الايمان بقدرة الله ان يعطيهم جسده ودمه ليحيوا به،نظريسوع للاثنى عشروقال لهم "ألعلكم أنتم أيضاً تريدون أن تمضوا؟" ولكن بطرس عبر عن استحالة رجوعه من وراء يسوع قائلاً: "يارب إلى من نذهب؟ كلام الحياة الأبدية عندك"، فهل يعقل بعدما نعمت نفسه بالشبع والراحة فى صحبة الرب أن يرتد للوراء ثانية.

أخي.....أختي:

إن كنت قد تكاسلت فترة عن الصلاة أو قراءة كلمة الله المحييه، أو حضور القداس الإلهي فهل لاتشعر بالشوق والحنين لله؟ وألا يدفعك جوعك واحتياجك لنعمته للتأمل فيما قاله الابن الضال: "كم من أجير لأبى يفضل عنه الخبز وأنا أهلك جوعاً ! " فإن كنت فرضاً لاتشعر بهذا الاحتياج فانصت لنصيحة المرتل داود يقول لك: " ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب".