"وأما من جهتى، فحاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح...." (غلا 14:6)

أعلن بيلاطس أمام الجماهير براءة يسوع لأنه لم يجد عليه سبب يستحق لأجله العقوبة أو الصلب، ولذلك أراد أن يطلقه، لكن اليهود كانوا يصرخون قائلين: "اصلبه...اصلبه" فضعف بيلاطس أمامهم وخضع لهم. وأمر بجلده. ثم أمر بصلبه وكان ذلك نحو الساعة السادسة من النهار وكانت ظلمة على الأرض كلها حتى الساعة التاسعة، وفي هذه الساعة صرخ يسوع بصوت عظيم ، وأسلم الروح وانشق حجاب الهيكل من فوق إلى أسفل، والأرض تزلزلت والصخور تشققت والقبور تفتحت، وتعجب قائد المئة مما رأى ومجد الله. ولما رأت الجموع ما حدث كانوا يقرعون صدورهم.

  • عبرت الطبيعة عن عظمة ما قدمه لنا الرب يسوع على عود الصليب. وكأن الشمس اخفت وجهها خجلاً مما فعله هؤلاء القتلة، وارتجفت الارض وتزلزلت اتضاعاً وخشية وتكريماً للرب المحب المتألم لأجل خليقته، وابتهجت القبور وانفتحت فرحةً لتشهد بنصرة الحياة على الموت.
  • كشف صليب المسيح ولايزال يكشف عن الكثير من أسرار عظمة وصلاح إلهنا ففي الصليب ظهر اتضاع الرب العجيب الممجد من الطغمات السمائية، وفيه أيضاً صار بذل الرب لذاته شاهداً على أعظم حب لا مثيل له فى الوجود. وعلى الصليب سحق الرب الشيطان وأعطانا سلطاناً وغلبة لندوس الحيات والعقارب وعلى كل قوة العدو.
  • إن الصليب هو مصدر القوة والنعمة العاملة في أسرار الكنيسة: ففي سر المعمودية يولد الإنسان الولادة الجديدة ليأخذ طبيعة مقدسة جديدة فيصبح ابناً لله ووارثاً لملكوته، وفي سر الميرون يسكن روح الرب ويحل فينا ليثبتنا فيه، وفي سر التوبة والاعتراف نأخذ حلاً من خطايانا وفي سر الافخارستيا تغفر خطايا المؤمنين التائبين ويتحدون بالرب في جسد واحد الذي هو كنيسته، ولو لم يكن المسيح قد صلب لصارت هذه الأسرار جميعها بلا قوة أو فائده.
  • إن صليب المسيح هو قوة الله للمؤمنين وسر نصرتهم، وهو موضع فخرنا واعتزازنا، ولذلك نرسمه بإيمان على وجوهنا وينقشه الكثيرون منا على أياديهم، ويعلقونه على صدورهم ونتبارك به في منازلنا، وكنائسنا، ولهذ أيضاً تعيد له كنيستنا مرتين في السنة: الأولى في شهر توت والثانية في شهر برمهات من كل سنة قبطية.

أخي....أختى:

تأمل على الدوام عظمة صليب المسيح لأجلك، واسكب نفسك على الدوام منطرحاً تحت الصليب لتنال الشفاء من ضعفك بالآمات الرب الشافية المحيية- حينئذ- سيكون الصليب موضع فخرك واعتزازك وستشتهي أن تموت حباً من أجل الرب فاديك كل النهار وسيتحول صليبك إلى نير هين وحمل خفيف تحمله بفرح.