" بل أحبوا أعداءكم، وأحسنوا وأقرضوا وأنتم لا ترجون شيئاً، فيكون أجركم عظيماً وتكونوا بني العلي فإنه منعم على غير الشاكرين والأشرار"(لو6: 35)

أحب يوناثان داود كمحبته لنفسه ولكن أباه شاول كان يخشى أن يملك داود بدلاً من يوناثان ابنه، لأن صموئيل النبي أعمله بانقضاء ملكه، فطلب منه قتل داود فلم يطع يوناثان بل وبخ أبيه على ذلك، وانتهز شاول فرصة وجود داود معه في البيت وبينما هو يضرب له بالعود صوب الرمح نحوه ليطعنه ولكن المحاولة فشلت، وتقابل الصديقان وتعاهدا معا على الإخلاص لبعضهما وفي عيد أول الشهر جلس شاول ليأكل ومعه يوناثان وكبار رجال مملكته، ولم يأت داود كما أشار عليه يوناثان فاغتاظ شاول وغضب جداً لأنه كان ينوي قتله، ولما أدرك أن يوناثان يساعده على الإفلات من يده وبخه وقال له: "لأنه مادام ابن يسي حياً على الأرض لاتثبت مملكتك".

  • رفض يوناثان أن يفكر فيما ينتظره من خسارة بسبب حبه لداود: فعندما يملك داود ماذا سيكون هو؟ لن يصير أميراً سيضيع سلطانه ومركزه الأدبي، ولن يضمن لأبنائه وأفراد أسرته رفاهية أبناء الملوك، وبالبرغم من كل هذا لم يترك يوناثان شاول أبيه يقتل داود ليحقق منفعته الشخصة ويصير ملكاً ولم يستغل المحبة والصداقة التي بينهما لتفاوض فيما سيكون وضعه في المملكة عندما يصير داود ملكاً لكنه تعهد له بالإخلاص. لم يفكر في مستقبله هو لكنه كان منشغلاً ومهتماً بسلامة وخير صديقه. لم يطلب ما لنفسه لأنه لم يكن مشغولاً بنفسه بل بمن تحبه نفسه.
  • علمنا الرب يسوع أن الحب عطاء يفيض بتلقائية بغض النظر عن رد فعل من نقدم له هذا الحب. فالآب السماوي يشرق شمسه على الأبرار والأشرار، ويمطر على الجميع صالحين وطالحين، وهو أحبنا أولاً وأرسل ابنه ليفدينا ومات عنا ونحن بعد خطاة وأعداء. أما حب الأشرار والخطاة الذين يسلمون على الذين يسلمون عليهم ويقرضون من يقرضونهم فليس هذا حباً حقيقي لكنها منفعة متبادلة.

أخي....أختي:

إن المحب لا يشغله هل يحبه الآخرون أم لا، ولا يفكر كثيراً ماذا يجب أن يقدم له الآخرون، ولا يحزن لأنهم لم يقدموا ما يتمناه، ولا تتغير مواقفه المملؤة حباً تجاه من لم يقدم له أو من أساء إلية ولا يقدر أن يغلق قلبه عن العطاء لأن الحب يفيض منه بتلقائية. فإياك أن تنشغل بذاتك طالباً ما لنفسك بل انشغل كيف تعطي والله هو القادر أن يغنيك.