"لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم وخسر نفسه؟ أو ماذا يعطي الإنسان فداءً عن نفسه؟"(مت26:16)

 حل غريبان بمدينة سدوم، فاستضافهما لوط بمنزله، وتجمع أهل المدينة الأشرار محيطين بالمنزل طالبين إخراج الرجلين ليفعلا بهما شراًّ.. وفشل لوط في إقناعهما بالعدول عن نيتهم الشريرة وإذا بالغريبان يعلنان للوط وأسرته أنهما ملاكان، وأن سدوم وعمورة ستحترقان بنار وكبريت من السماء، ولابد من الخروج منها في الحال فأمر الله قد صدر بالفعل.
ولكن الخروج يعني ترك كل شيء: المدينة بكل مافيها، المنزل وما فيه من مقتنيات ومتاع، الأصدقاء والأصحاب، الأرض المعشبة الجيدة للرعي التي من أجلها اختار لوط الإقامة بالمدينة، الماشية والأغنام والدواب...
 فكيف يترك كل هذا؟ لم يكن الأمر متروكاً للاختيار؛ فالخروج كان ضرورة لنجاتهم بأنفسهم، ولذلك أرسل الله المحب الشفوق الملاكان لإنقاذهم، فأمسكا بأياديهم وأخرجاهم خارج المدينة، وأمراهم بمواصلة الهروب وعدم التلفت للوراء؛ ولكن امرأة لوط كان قلبها في سدوم حيث كنوزها المحبوبة، ولم تود أن تخسر شيئاً منها، فلم تستمع لتحذير الملاكين، فالتفتت للوراء فهلكت وصارت عمود ملح. 

 أخي..أختي:

ذكر ذاتك دائماً بعدم دوام الحال ولا يغرك استقرار أمور حياتك، فقد تسمع فجأة اخرج تاركاً ما أنت فيه ليكون لك نجاة وخلاصاً.. إن كل شيء في هذه الحياة  معرض للتغير والزوال شئت أم لم تشأ.. الصحة، الثروة، مشاعر الآخرين ومواقفهم تجاهك، العمل، مكان الإقامة، المركز والوضع الاجتماعي.. بل سيأتي وقت تخرج فيه من العالم تاركاً وراءك كل ما فيه .فلا تكن متعلقا بالعالم و الأشياء التي فيه لئلا تهلك كامرأة لوط، فما أعظم أن تربح نفسك حتى ولو خسرت العالم بما فيه!!!!