لم يعلم بولس الرسول أسراراً لم يعرفها غيره فالإنجيل بعهديه يشهد بنفس هذه الحقائق لذلك دعنا نقسم السؤال إلى سؤالين:
الأول:
عن نبوات أو شهادات أخرى غير ما ذكره معلمنا بولس الرسول تؤكد أن الذبائح كانت ترمز وتشير وتشرح عن فداء ربنا يسوع المسيح.
شهادات العهد القديم:
• يتنبأ إشعياء النبي قائلاً: "مَنْ صَدَّقَ خَبَرَنَا، وَلِمَنِ اسْتُعْلِنَت ذِرَاعُ الرَّبِّ؟ نَبَتَ قُدَّامَهُ كَفَرْخٍ وَكَعِرْق مِنْ أَرْضٍ يَابِسَةٍ، لاَ صُورَةَ لَهُ وَلاَ جَمَالَ فَنَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَلاَ مَنْظَرَ فَنَشْتَهِيَهُ مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ، رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحَزَنِ، وَكَمُسَتَّرٍ عَنْهُ وُجُوهُنَا، مُحْتَقَرٌ فَلَمْ نَعْتَدَّ بِهِ... لكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا، وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَابًا مَضْرُوبًا مِنَ اللهِ وَمَذْلُولاً. وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا. كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا. ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى 12الذَّبْحِ، وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ" (أش٥٣: ١- 7).
• أكد فيلبس الرسول أن هذه النبوة تنطبق على الرب يسوع عندما سأله الخصي الحبشي وزير كنداكة في سفر الأعمال عَمَّن هو المقصود بهذه النبوة فأجاب قائلاً: "فَأَجَابَ الْخَصِيُّ فِيلُبُّسَ وَقَالَ: "أَطْلُبُ إِلَيْكَ: عَنْ مَنْ يَقُولُ النَّبِيُّ هذَا؟ عَنْ نَفْسِهِ أَمْ عَنْ وَاحِدٍ آخَرَ؟" فَفَتَحَ فِيلُبُّسُ فَاهُ وابْتَدَأَ مِنْ هذَا الْكِتَابِ فَبَشِّرَهُ بِيَسُوعَ" (أع ٨ : ٣٤ – ٣٥).
وواضح للقارئ المتأني أن إشعياء يتكلم في هذه النبوة عن إنسان لا عن شاة أي نعجة أو حمل من الأغنام؛ لأنه يقول كشاة وليس شاة فكل الوصف ينطبق على إنسان، وطبعاً هذا الشخص حمل خطايانا خطايا البشر جمعياً، فمن يكون هو إذاً غير شخص الرب يسوع.
شهادات العهد الجديد:
• كشف يوحنا المعمدان عن هذا الشخص الذي سيقدم نفسه عن البشر جميعاً ذبيحة فأعلن صراحةً أنه المسيح قائلاً: "وَفِي الْغَدِ نَظَرَ يُوحَنَّا يَسُوعَ مُقْبِلاً إِلَيْهِ، فَقَالَ: «هُوَذَا حَمَلُ اللهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ" (يو29:1).
• رآه يوحنا الرسول في سفر الرؤيا في منظر خروف قائم كأنه مذبوح ليؤكد لنا الوحي نفس المعنى قائلا: "وَرَأَيْتُ فَإِذَا فِي وَسَطِ الْعَرْشِ وَالْحَيَوَانَاتِ الأَرْبَعَةِ وَفِي وَسَطِ الشُّيُوخِ خَرُوفٌ قَائِمٌ كَأَنَّهُ مَذْبُوحٌ، لَهُ سَبْعَةُ قُرُونٍ وَسَبْعُ أَعْيُنٍ، هِيَ سَبْعَةُ أَرْوَاحِ اللهِ الْمُرْسَلَةُ إِلَى كُلِّ الأَرْضِ. فَأَتَى وَأَخَذَ السِّفْرَ مِنْ يَمِينِ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ. وَلَمَّا أَخَذَ السِّفْرَ خَرَّتِ الأَرْبَعَةُ الْحَيَوَانَاتُ وَالأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ شَيْخًا أَمَامَ الْخَروفِ، وَلَهُمْ كُلِّ وَاحِدٍ قِيثَارَاتٌ وَجَامَاتٌ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوَّةٌ بَخُورًا هِيَ صَلَوَاتُ الْقِدِّيسِينَ. وَهُمْ يَتَرَنَّمُونَ تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً قَائِلِينَ: «مُسْتَحِق أَنْتَ أَنْ تَأْخُذَ السِّفْرَ وَتَفْتَحَ خُتُومَهُ، لأَنَّكَ ذُبِحْتَ وَاشْتَرَيْتَنَا للهِ بِدَمِكَ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَشَعْبٍ وَأُمَّةٍ،" (رؤ ٥: ٦-٩). طبعًا الآيات واضحة والتشبيه بذبائح العهد القديم يطبقه سفر الرؤيا على شخص الرب يسوع.
• من قول الرب يسوع عن نفسه أنه الذبيحة التي سيتم بها الفداء نذكر قول له المجد: "كَمَا أَنَّ ابن الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ، وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ" (مت ٢٠: ٢٨).
• وأيضاً من رسائل معلمنا بطرس الرسول قوله عن الرب يسوع ودمه المسفوك عنا: "بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَل بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ، دَمِ الْمَسِيحِ، مَعْرُوفًا سَابِقًا قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، وَلكِنْ قَدْ أُظْهِرَ فِي الأَزْمِنَةِ الأَخِيرَةِ مِنْ أَجْلِكُمْ" (١بط: ١: ١٩ -٢٠) وأيضا قوله: "الَّذِي حَمَلَ هُوَ نَفْسُهُ خَطَايَانَا فِي جَسَدِهِ عَلَى الْخَشَبَةِ، لِكَيْ نَمُوتَ عَنِ الْخَطَايَا فَنَحْيَا لِلْبِرِّ. الَّذِي بِجَلْدَتِهِ شُفِيتُمْ" (١بط24:2).. أظن أنه توجد شهادات كثيرة أخرى لكن نكتفي بهذه الشهادات الآن.
أما الجزء الثاني من السؤال فيخص معلمنا بولس الرسول:
• معلمنا بولس الرسول كتب لنا ما أوضحه له الوحي المقدس عن موت الرب يسوع وعلاقته بالذبائح وشرح ذلك بدقة وموضوعية، فالذي يفهم المعاني التي كانت تشير إليها الذبائح في العهد القديم،
(وهذا ليس صعباً وخصوصاً لمعلم يهودي كبولس الرسول) يرى أنها حدثت بالضبط مع الرب يسوع المسيح، ولا يمكنه غير أن يؤكد أن الوحي الإلهي وضعها بدقة لتكشف عن فداء الرب يسوع.
• يخبرنا معلمنا بولس الرسول العظيم عن الرؤى التي رأى فيها الرب يسوع أكثر من مرة، وأعلن له الرب في هذه الرؤى الكثير من الأسرار.