"توكل على الرب بكل قلبك، وعلى فهمك لاتعتمد." (أم3: 5)

تزايد شر أهل كنعان حتى قضى الرب بفنائهم، وامتلاك بني إسرائيل لأرضهم. وبعد قيادة الرب لشعبه أربعين سنة في البرية ذاقوا فيها عظيم رعايته لهم، أمر الرب يشوع بالدخول في حرب مع شعوب الأرض لتنفيذ حكم الله. وانتصر يشوع وتوالت الانتصارات وذابت قلوب شعب الأرض من الخوف. فقام الجبعونيون من سكان كنعان وأتوا إلى يشوع وهم يرتدون ثياباً رثة وأحذية بالية ومعهم فتات يابس من الخبز، وخدعوا يشوع ورؤساء الشعب قائلين: "اقطعوا لنا عهداً...ولما سألهم يشوع من أين جئتم؟ قالوا: "من أرض بعيدة جداً جئنا" مع أنهم كانوا قريبون إليهم وساكنون في وسطهم. وانخدع يشوع وعمل لهم صلحاً، وقطع لهم عهداً لأنه لم يسأل الرب ليكشف له أمرهم. فكان الجبعونيون فيما بعد سبباً لمتاعب كثيرة لبني إسرائيل.

اعتمد يشوع على فهمه وذكائه فالخبز الذى أصبح فتاتاً يابساً والثياب الرثة والأحذية المرقعة البالية دليل على مجئ الجبعونيين من بلاد بعيدة. فالأمر واضح ولذلك لم يصلي طالباً الإرشاد من الله ولم يدرك أن هناك ماهو مخفي عنه.

إن الإنسان لايعرف كل الحقائق كما يعرفها الله والعقل مهما احتاط قد يسقط من حسابه بعض الأمور التي قد تؤدي إلى اتخاذ قرار خاطئ. وحتى لو افترض الإنسان في نفسه أنه يمتلك المعرفة الكاملة، ففهمه قاصرعلى الإدراك والاستنتاج للوصول إلى قرار صائب دون خطأ. وقد يخطط الإنسان ما يصلح لليوم لكنه لايعلم هل يصلح ما خططه اليوم للغد. فليس أحد غير الله يعلم أمر الغد.

لقد اعتاد جميع أنبياء العهد القديم أمثال موسي وداود طلب إرشاد الله لاتخاذ قرارتهم. أما تلاميذ الرب فلما أرادوا اختيار من يأخذ وظيفة التلميذ الخائن يهوذا صلوا طالبين ارشاد الله قائلين:" أيها الرب العارف قلوب الجميع عين أنت من... أخترته ليأخذ قرعة هذه الخدمة والرسالة التي تعداها يهوذا...".

أخي....اختي:

إن اتكال الإنسان على الله للإرشاد وطلب المعونة يجنبه أتعاباً كثيرة، ويضمن له نجاحاً في الحياة. فلا تتكل إذا على فهمك لئلا تنخدع كما انخدع رجل الله يشوع. بل اطلب الله قبل الشروع في أي عمل بسيطاً كان أو عظيماً.